للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرهما، وهو الرحمة، ولا يخفى ما يرِدُ عليه.

وما قاله القاضي أبو الوليد في اختيار الجمع بين اللفظين حسنٌ، ولا يُردُّ في التشميت؛ للتخصيص باللفظ الوارد في الرحمة، والله أعلم.

الرابعة والثمانون: الأمر بإيجاد الصفة وإدخالِها في الوجود، يقتضي الأمرَ بالموصوف؛ لاستحالةِ دخولِ الصِّفةِ في الوجود بدون الموصوف (١)، وما لا يتمُّ الواجبُ إلا به فهو واجب.

وقد يكون الأمر بالصفة على تقدير وجود الموصوف، وقد يحتمل الحالُ الأمرين، كما سيأتي في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَفشوا السَّلام"، وهل المرادُ إدخالَ إفشاءِ السلام في الوجود، فيكون أمرًا بأصل السلام، أو المرادُ إفشاؤُه على تقدير وجودِه؛ أي: إذا سلَّمتم فليكن فاشيًا؟ في ذلك بحث.

الخامسة والثمانون: إذا تقرر هذا، فالأمرُ بإبرارِ القَسَم إذا كان المرادُ به أن يكونَ ذا بِرٍّ لا إثمَ فيه، من باب الأمر بالصفة على تقدير وجود الموصوف؛ أي: إذا حلفتم فلتكن اليمينُ برّةَّ؛ أي: ذاتَ برّ، وليس أمرًا بإيجاد الصِّفة الذي يستلزم الأمرَ بوجود [الموصوفِ] (٢)؛ لأن اليمينَ لا تكون مَأمورًا بها على الإطْلاق، بل قَدْ نصَّ بعضُ مصنِّفي الشافعيَّة على أنَّ الأيْمانَ مكروهةٌ إلا إذا كانتْ في


(١) في الأصل "الصفة"، والتصويب من "ت".
(٢) سقط من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>