للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتتشوقُ النفسُ إلى تفسير الآتي بعدَ الإبهام، فإذا أتى قَبِلَتْهُ قَبولَ الطَّالبِ لمطلوبه، والعاشقِ لمعشوقهِ، فترجَّحَ بهذا أحدُ الوجوه المذكورة في قسم الإعراب (١).

النكتة الثالثة: الجملُ قد يؤتَى بها معطوفاً بعضُها على بعض بحرف العطف، وقد لا يكونُ كذلك، ولترك هذا العطف في بعض المواضع حُسنٌ وجمال تكلَّمَ أهلُ البيان عليه في مَحالِّه، ويمكن أن يُعلَّلَ هذا الحسنُ حيثُ يقع في بعض المواضع، بأنَّ العطفَ يوجب تبعيةَ المعطوفِ للمعطوف عليه، والاعتناء بها يقتضي تركَ العطفِ لزوال الموجب لكونها تبعاً، وهو حرف العطف، وهذا يجرُّ إليه قولُه - عليه السلام -: "هو الطهور مَاؤه، الحل ميتته"، من غير عطف إحدى الجملتين على الأخرى.

النكتة الرابعة: في سياق هاتين الجملتين معنىً لطيف، وهو أنَّ هذا السياقَ قد يُستعمَل في بيان الشرف والتعظيم في تعداد الخواصِّ والمحاسن، كما يقال: فلان فقيه، ويقال: هو الفقيه النحوي الأصولي، وهذا المعنى لا يتأتَّى في مطلق الجواب بطهوريته.

وقد قال القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله في قوله: "الحل ميتته": بيانٌ أن البحرَ كلَّه بركةٌ ورحمة، ماؤه طهور، وميتته حلال، وظهرُه جَوارٍ، وقعرُه جواهر (٢).


(١) وهو الوجه الثالث من الوجوه الأربعة التي ذكرها المؤلف فيما سبق.
(٢) انظر: "عارضة الأحوذي" لابن العربي (١/ ٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>