طعامهم - من حيث هو - بالحل، وامتناعُ أكله؛ لأجل غلبة النجاسة من قَبيل الموانع التي لا يُقصد التعرضُ لها؛ لِمَا (١) عُلِمت نجاستُه من أوانيهم، وهذا ليس بالشديد القوة؛ لإمكان المنازعة في هذه الدعوى، والتمسك بالعموم الذي يزعمه، والله أعلم.
الحادية عشرة: الاستدلالُ بأكل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أهدته له اليهوديةُ في القول بالطهارة، وفي معارضته حديث أبي ثعلبة، إلا أنه استدلالٌ بفعل في واقعة خاصة لا عمومَ لها، وحديث أبي ثعلبة استدلالٌ بلفظ عام، فتكون معارضةُ الخصوصِ العمومَ في محل التخصيص فقط، فمن منع الاستعمالَ فيمكنه أن يقول: هذه واقعةُ حال لا عمومَ لها، فأَحمِلُها على صورة العلم بالطهارة لاحتمالها، وأنا لا أمنع الاستعمال في هذه الصورة، وهذا وإن كان متجهًا في المناظرة إلا أنه لا يقوى في النفس أن الواقع هو تلك الصورة؛ أعني: تيقن الطهارة، وقد تكون القرائنُ دليلًا على ما ذكرناه.
أما من أراد الاستدلال به على جواز استعمال أواني الكفار، فإما أن يكون ممن يبيحُ ذلك مطلقًا، وإما أن يكون ممن يفرِّق بين من يتديَّن باستعمال النجاسة، أو لا.
فإن كان من الأولين فقد بيَّنا أنه لا عمومَ فيه، وإذا لم يكن عموم، فالحكم مستفاد في غير محل النص بالقياس فقط، وشرط