للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادسة عشرة: قد قدمنا بعض ما يتعلَّقُ بالخصال المذكورة في الحديث من المصالح الدنيوية والدينية (١)، ونتكلم الآن في أعم من هذا، وهو بعض ما يتعلق من المصالح بمطلق الزينة؛ لأنه يتناول هذه الخصال المخصوصة لتناوله الأعم منها، فنقول: حُسْن الظاهر عنوانُ حسن الباطن كثيراً، ومن هاهنا نشأ علم الفِراسة، وهو الاستدلالُ بالخِلْقة (٢) على الأخلاق، وقد قيل: قَلَّ صورةٌ حسنة تتبعها نفس رديئة، وحُكي أن المأمون استعرض جيشاً فمرَّ به رجل قبيح الوجه، فاستنطقه فرآه ألكنَ، فأمر بإسقاطه، وقال: إنَّ الروحَ إذا كانت طاهرةً كانت صبَّاحةً، وإذا كانت باطنة كانت فضَّاحةً، وأراهُ لا ظاهرَ له، ولا باطنَ.

فجميع (٣) التحسينات الظاهرة وجمال الهيئة دالةٌ على خلق النفس، وعلى الصفة التي يشير إليها حسن الظاهر، فإذا بدا الإنسان في الهيئة الجميلة كان سبباً لقَبول (٤) رأيه عليه (٥)، وانبساطِ نفسه إليه، وكان ذلك وسيلةً إلى تحصيل المصالح التي يَحتاج تحصيلُها إلى


= خلق الله. رواه البخاري (٤٦٠٤)، كتاب: التفسير، باب: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: ٧]، ومسلم (٢١٢٥)، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة.
(١) "ت": "الدينية والدنيوية".
(٢) في الأصل: "بخَلقه"، والمثبت من "ت".
(٣) "ت": "وجميع".
(٤) لعله يقصد: الإقبال، والله أعلم.
(٥) في الأصل: "له"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>