للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعادة الوضوء والصلاة، بل قد ادعى الخطابي أنَّ دلالته: أنه لا يجوز تفريق الوضوء، وذلك لأنَّه قال: "ارجعْ فأحسن وضوءك"، وظاهر معناه: إعادة الوضوء في تمامٍ، ولو كان تفريقه جائزًا لأشبه أن يقتصر فيه على الأمر بغسلِ ذلك الموضعِ، أو كان يأمره بمسِّه الماءَ في مقامه ذلك، وأن لا يأمره بالرجوع إلى المكان الذي يتوضأ منه (١).

ولا يخلو بعض هذا من نظرٍ، لا سيَّما قوله في آخر الكلام: أو كان يأمرُه بمسِّ الماء في مقامه، ولا يأمرُه بالرجوع، فإنَّه جائز أن لا يكون الماءُ حاضرًا.

وأيضًا، فلا فرق بالنسبة إلى وجوب الموالاة، أو عدم الوجوبِ بين الأمكنة، فلو كان الماءُ حاضرًا، لم يَأْمر بالرجوع، وإن وجبتِ الإعادةُ.

الثَّانية: الحديثُ دالٌّ على الاشتراط، وما دل على الشرطية، دلَّ على الوجوب، بمعنى: أنه لا يجوز أداءُ المشروط بدون شرطِهِ، وأمَّا العكسُ؛ وهو أنَّ الوجوب هل يستلزم الشرطية؟ بمعنى: أنه إذا وجب شيء في أمر هل يكون شرطاً فيه؟ هذا لا يستلزمه من حيث هو كذلك، ولكنه يُسْتَدَلُّ عليه بأنَّ الغالب أنَّ ما كان واجباً في العبادة، كان شرطاً فيها، وبأنه إذا كان واجبًا، فعند الإخلال لم يأت المأمورُ به على الوجه المأمورِ به، فبقي في العُهدة.

الثالثة: اتفقوا على جوازِ التفريق القليل، وإنَّما اختلافهم في الكثير، واستُدِلَّ على ذلك:


(١) انظر: "معالم السنن" للخطابي (١/ ٦٣ - ٦٤)

<<  <  ج: ص:  >  >>