يحصل به المقصود من الإفهام دون تعيين ما هو صريح في البيان غير محتمل لشيء آخر، لقوله:"عليك بالصَّعيد".
الثانية والعشرون: فيه دليل على اعتبار ما دلَّت عليه القرائنُ من فهم المقصود من العام أو المطلق، إذا اقتضت القرائنُ تخصيصاً أو تقييداً، فانَّ قولَه - عليه السلام -: "عليكَ بالصَّعيدِ، فإنَّه يكْفِيكَ"، لا بد أن يُفهمَ منه: يكفيك في هذه الحالة، أو في مثل هذه الحالة، ولا يوجد منه إطلاقُ الكفاية، بل يتقيد بما يوجد فيه الشرط، أو الركن في التيمم.
الثالثة والعشرون: فيه تصريح بتيمم الجنب، وقد ذُكِر فيه خلاف قديم لبعض الصحابة، واختلف في النقل عنه (١)، وسيأتي ذلك في التيمم إن شاء الله.
(١) قال ابن عبد البر في "التمهيد" (١٩/ ٢٧٥): وأجمع علماء الأمصار بالحجاز والعراق والشام والمشرق والمغرب - فيما علمت -: أن التيمم بالصعيد عند عدم الماء طهور كل مريض أو مسافر، وسواء كان جنباً أو على غير وضوء لا يختلفون في ذلك، وقد كان عمر بن الخطاب وعبد الله ابن مسعود يقولان: الجنب لا يطهره إلا الماء، ولا يستبيح بالتيمم صلاة؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦]، ولقوله: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: ٤٣]، وذهبا على أن الجنب لم يدخل في المعنى المراد بقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} الآية إلى قوله: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء ٤٣]، ثم قال: وهذا معروف مشهور عند أهل العلم عن ابن مسعود وعمر.