للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادسة والعشرون: رأيتُ مَنْ يَستبعدُ أنَّ الفرح عند الفطر بنيل المأكول والمشروب، ويستحطُّ هذه الدرجة عن أن تكون مذكورةً معنيةً في هذا الموضع مقرونةً بالفرح عند لقاء الله تعالى.

واقتضى ذلك: أن يَحمل الفرح بالفطر على أن المرادَ الفرحُ بكمال عبادته وصومه؛ ليرجعَ ذلك إلى ما يناسب أحوال المتديِّنين، والتعظيمِ المقصود المناسب للاقتران بالفرح بلقاء الله تعالى.

وذُكِرَ (١) احتمالٌ آخر: وهو أن تكون الفرحةُ عند إفطاره بما يجب له من الثواب الذي لا يعلمه إلا الله جل وعز، وفرحه يوم القيامة بما يصل إليه منه، فإنَّ ما وجبَ له من فضل [الله] (٢) لن يخلفَهُ الله إياه.


= ورضاه ومحبته، فيكون عنده أطيب من ريح المسك عندنا، فإذا كان يوم القيامة ظهر هذا الطيب للعباد وصار علانية، وهكذا سائر آثار الأعمال من الخير والشر، وإنما يكمل ظهورها ويصير علانية في الآخرة، وقد يقوى العمل ويتزايد حتى يستلزم ظهور بعض أثره على العبد في الدنيا في الخير والشر كما هو مشاهد بالبصر والبصيرة، فهذا فصل الخطاب في هذه المسألة، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. انظر: "الوابل الصيب" لابن القيم (ص: ٤٣ - ٤٩).
وقد ذكر الدميري في "حياة الحيوان" (٢/ ٦٧٦) هذا الخلاف بين الشيخين أبي محمد وأبي عمرو، ثم قال، والذي ينبغي أن يعلم أن جميع ما وقع فيه الخلاف بينهما، فالصواب منه ما قاله الشيخ عز الدين بن عبد السلام، إلا هذه المسألة، فإن الصواب فيها ما قالة الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح رحمهم الله.
(١) في الأصل: "ذلك"، والمثبت من "ت".
(٢) زيادة من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>