حملُها على ذلك؛ لأن ظاهرَ الأمرِ الوجوبُ، ويجب العمل بالظاهر إلا لمُعَارِض من خارج، فإن أبدى معارضاً يمنع من الظاهر، وإلا فلا عُذرَ له.
وهذا الحكم - أعني: وجوب الحمل على الظاهر إلا لمعارض - ظاهر لا يختص بالظاهري، فإن القياسَ أيضاً يوافق في ذلك، إلا أن الظاهري أولى بالإلزام؛ لأنه لا يتتبَعُّ المعاني ولا يلتفت إلى المفهومات والمناسبات عند دلالة اللفظ، بخلاف القياس.
واتباع المعاني قد يقيم القياس مأخذاً في الخروج عن الظاهر إن صحَّ له ذلك، فعلى كل حالِ له طريق مسدود عن الظاهر.
الثامنة والأربعون: قد ذكر الأصوليون لصيغة الأمر محاملَ متعدِّدةً، وفي هذا الحديث صيغٌ متعددةٌ لأمرٍ، فإذا لم يُقَلْ بالوجوب فيها تعيَّنَ النظرُ في ماذا يُحمَلُ عليه؟
فمنها ما يحمل على الندب، ومنها ما يحمل على الإرشاد، ومنها ما يحمل على الإباحة.
التاسعة والأربعون، والخمسون، والحادية والخمسون: وفيما تحمل فيه الصيغة على الندب - إذا لم يُقَل بالوجوب - الأمرُ بالتسمية في هذه الأحوال؛ أعني: عند إغلاق الأبواب، وإيكاء القِرَب، وتخميرِ الآنية؛ لما في اسم الله تعالى من رجاء البركة، ولما عُرِفَ من الندب إلى ذكر اسم الله تعالى عند الشروع في الأمور.