للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة والعشرون: عند الحنفية أنه إذا صلى ركعةً من الصبح، وطلعتِ الشمس، فسدتْ صلاتُه، وفرقوا بينه وبين ما إذا صلى ركعة من العصر، ثم غربتِ الشمس، فإنه يمضي فيها، وتجزئ عنه، وفرقوا بينهما: أنه لما طلعت الشمس صار إلى حال لا يجوز ابتداء الصلاة فيها، فلا يجوز البناء عليها بخلاف العصر، فإنه إذا غربت الشمس، فقد صار إلى حالة يجوز ابتداء العصر فيها، فجاز البناء عليها (١).

فإن (٢) أريد الاستدلالُ بهذا الحديث على الحكم الذي قالوه في الصبح، فوجهُه: أن النهي عن الصلاة يتناول هذه الصورة، فإذا قيل بأنه يدل على الفساد، فسدَ ذلك القدرُ الواقع في وقت النهي، وإذا فسد البعضُ فسدَ الكلُّ، وهذا الاستدلال على هذا الوجه، يلزم أن يكون بناءً على قواعدهم في أن النهي يدل على الفساد أو لا، وفيه شغبٌ جدليٌّ من جهة مخالفيهم؛ وهو أن يقال: إن النهي عن الصلاة يتناول جملتها حقيقة، فلم (٣) نسلِّم تناوله للبعض حقيقة، فيكون مجازًا، والأصل عدمه.

وإنما جعلناه شغبًا؛ لأن الاتفاقَ واقعٌ على منع ابتداء الصلاةِ النفلِ في الوقت المكروه، ولو وقع تمامه بعده مستندًا إلى هذا الحديث، وذلك يلغي اعتبار الجملة من حيث هي جملة، وكذلك


(١) انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ١٢٧).
(٢) "ت": "فإذا".
(٣) "ت": "فلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>