للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: دلالته على أن لا وقت بالنسبة إلى الزيادة، ظاهرٌ؛ لأنَّه لو كان الواجبُ أمراً زائداً على هذا المقدار، لما اكتفى بهذا المقدار.

وأمَّا دلالتُه على أن لا وقت، فيما دون هذا المقدارِ إلَّا كَمَالُه، ففيه نظر، وسيأتي في المسألة بعدها ما يشير إليه.

والذي يدلّ على عدم التحديد مطلقاً: هي الظواهُر التي اقتضت تعليقَ الحكمِ بمسمَّى الغسل، أو بمسمى الإفاضة.

الثالثة: حكي عن محمد بن الحسن - رحمه الله - أنه قال: لا يمكن المُغْتَسِل أن يَعُمَّ جسدَه [بأقلَّ من صاع، ولا المتوضئ أن يسبغ أعضاء وضوئه] (١) بأقلَّ من مُدٍّ.

قال بعض الشارحين المتأخرين: وفي هذا نظر: فإنَّه قد رُوِيَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أنه توضأ بثلثي مد".

قلت: هذا النظر الذي ذكره، يحتاج إلى تحقيق، فإن هذا الذي ذكر فيه ثلثا المد مذكور في حديث الرُّبيِّعِ بنتِ معوِّذ: "أنه - صلى الله عليه وسلم - أُتيَ بماءٍ قَدْرَ ثلثي المُدّ" (٢)، فحمله هذا الشارح على مُدّ النَّبيّ - صَلَّى الله عليه وسلم -، وبه يتمُّ ردُّه


(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل و "ت"، وأثبته من كلام المؤلف رحمه الله الآتي في هذه الفائدة.
(٢) رواه أبو داود (٩٤)، كتاب: الطهارة، باب: ما يجزئ من الماء في الوضوء، والنَّسائيُّ (٧٤)، كتاب: الطهارة، باب: القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء للوضوء، لكن من حديث أم عمارة نسيبة بنت كعب رضي الله عنها، ولم أقف على رواية الرَّبيع رضي الله عنها في هذا الباب، فلا أدري إن كان هناك سبق قلم، أو أنها مروية لكنني لم أهتد إليها، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>