للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما ذكر؛ لأن الشَّعر يتناول ما نزل عن حَدِّ الرأس من الذؤابة، فلو أُجْرِيَ مَجْرَى الرأس في الحكم، لوجب أن يجري المسحُ على طرف الذؤابة مع ترك المسح على الرأس جملة، فلا يتأدَّى الواجبُ حينئذ.

والشافعيةُ قد زادوا على هذا، وحكموا بأنه لو مسح على شعر في حدِّ الرأس، لكان إذا مدَّ موضع المسح خرج عن حدِّ الرأس لم يُجْزِئه (١)، فيُؤَوَّل هذا على تقديرٍ سليمِ الدلالة، على كون اللفظ يدلُّ على كون الشعر من الرأس، إلى أن الحكم ثبت بدليل من خارج.

والمالكية يقولون: إنه يمسح الذؤابةَ مع الرأس (٢)، وهذا يدلُّ على أنَّهم يدخلونها تحت اسم الرأس.

الخامسة والخمسون بعد المئة: قوله: "ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَيْه، كَمَا أَمَره الله" دليلٌ صحيح في أن الله أمر بغسل الرجلين، ولهذا ذكره في الأصل، وهو قاطع لدابر مذهب الإمامية في عدم وجوب الغسل، وأن الواجبَ المسحُ، ولا يتأتَّى للشريف أبي القاسم علي بن الحسين الملقب بالمرتضى (٣) في تأويل ما ورد من الأحاديث بغسل الرجلين في وضوء النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّه قال: أما الخبر المتضمن لأنه - عليه السلام - غسل رجليه، فيحتمل أن يكون فعل ذلك بعد مسحهما، ولم يَرْوِ الراوي


(١) انظر: "فتح العزيز في شرح الوجيز" للرافعي (١/ ٣٥٣).
(٢) انظر: "الذخيرة" للقرافي (١/ ٢٦٥).
(٣) المتوفى سنة (٤٣٦ هـ)، وهو جامع كتاب "نهج البلاغة". انظر: "سير أعلام النبلاء" للذهبي (١٧/ ٥٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>