للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية والثلاثون: قد يقول بعضُ من يُنكر دَلالةَ المفهوم: أَستدلُّ بقوله: "أقْصِرْ عن الصلاةِ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، حَتَّى تَرْتَفِعَ، فِإنَّها تَطْلُعُ حِيْنَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْني شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لها الكفارُ، ثُمَّ صَلِّ [على] (١) ذلك".

ووجْهُه: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثُمَّ أقصِرْ عن الصلاةِ، حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، حتىَّ تَرْتَفِعَ" وقوله عليه السلام بعد ذلك: "ثم صَلِّ"؛ فإن الغايةَ يقتضي مفهومُها مخالفةَ ما بعدها لما قَبْلَها، فلو كان المفهومُ حجةً، لكان قوله: "ثم صَلِّ" محمولًا على التأكيد، ولو لم يكن حجة، كان محمولًا على التأسيس، والحمل على التأسيس أولى من الحمل على التأكيد، والجواب من ثلاثة أوجه:

أحدها: إن التأكيد إن أُريد به تأكيدُ الدلالةِ على مجرد جواز الصلاة، فقد سلم (٢) على نظر فيه، وإن أُريد تأكيدُ طلبية الفصل الذي يلزمه الجواز، فمسلَّم، لكنه فيه فائدة زائدة على مجرد تأكيد دلالة اللفظ على الجواز.

الثاني: إن المذكور بعد ذلك حكم مذكور معه علتُه، وذلك لا يُستفاد من الغاية، فهي فائدةٌ مجردة، والكلام على حمله (٣) ما ذكر بعد الغاية، ولو جُرِّدَ عن العلة لأمكن ما يقال، فأما وقد ذُكِرَت العلة،


(١) زيادة من "ت".
(٢) "ت": "يسلم".
(٣) "ت": "مجرد".

<<  <  ج: ص:  >  >>