طلوع قرنين، وهو زائد تجب إضافته إلى ما دل عليه الحديث الأول، وقد يمكن أن يخرج ذلك.
وأما قول من يقول: إن معناه حينئذ يتحرك الشيطان ويتسلّط، فكأنه راجع إلى معنى القوة، وقد استعمل هذا القائل لفظَ الحركة، وقد يقرِّب ذلك بأنه حين انتشار الكفار للسجود، فيشبه اعتماله وإغواؤه لهم بالحركة الحسية.
وأما من قال: قرنه: أمته وشيعته، فيحتاج قائله إلى مجازٍ أو تكلفٍ في لفظ الطلوع، وما أرى هذا إلا بعيداً عما يُفهم من ظاهر ألفاظ الحديث.
السادسة والثلاثون: ذكر الحافظ المبارك بن محمد بن عبد الكريم الجزري في كتابه "الشافي" في الكلام على هذا المعنى الذي نحن فيه، قال: ويجوز أن يكون المراد به؛ أنه شبه طلوعَ الشمس، وهو ظهورها على العالم، بظهور الملوك والسلاطين على رعيتهم، وما يعاملونهم به من الخِدَم والتحايا والركوع والسجود، وذلك على اختلاف أقدارهم ومراتبهم، وكذلك يفعلون معهم عند انفصالهم عنهم، وعَوْدِهم إلى مساكنهم، فشبَّه طلوعَ الشمس وغروبَها، بظهور الملوك ورجوعِهم إلى أماكنهم، وأن الصلاة في هذين الوقتين تشبه أن تكون مضافةً إلى طلوع الشمس وغروبها، بحدوثها عند حدوثها فنُهُوا عنها، فأما وقت توسُّطِها السماءَ واستوائها في قُبة الفَلَك؛ فلأن ذلك المكان هو أعلى أمكنتها وأرفعها، والسجود في هذا الوقت إذا توهم مضافاً إليها كان تعظيماً لشأنها، وإكباراً لقدرها، فنُهُوا عن الصلاة حينئذ، حتى لا يجريَ