للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الوجه الثالث:

ليس المقصودُ الأكبر بهذا الحديث الاستدلالَ على طهورية ماء البحر؛ لأنَّه كالمتفق عليه بين الفقهاء، فكان يكتفي بذلك، لأنَّ الكتابَ كتابُ اختصار، لكنْ لمَّا كان تتعلق به فوائدُ كثيرة، منها ما يخصُّ هذا الكتاب، ومنها ما يدخل في غيره، ويُستدَلُّ على ذلك الغير في المكان اللائق به، كان أكثرَ فائدةَ من الأحاديث التي تدلُّ على ما يتعلق بهذا الباب خاصةَ، وكان حديثُ القلتينِ أمسَّ بهذا الباب، وقد صحَّح بعضُهم إسنادَ بعض طرقه، وهو - أيضًا - عندنا صحيح على طريقة الفقهاء؛ لأنَّه وإن كان حديثاً مضطربَ الإسناد، مختلفاً فيه في بعض ألفاظه، وهي علة عند المحدثين، إلَّا أن يُجابَ عنها بجواب صحيح، فإنّه يمكنُ أن يُجمعَ بين الروايات، ويجابَ عن بعضها، وينسبَ إلى التصحيح بطريق قوي أصولي، ولكن تركتُه، لأنَّه لم يثبتْ عندنا الآنَ - بطريق استقلالي يجب الرجوع إليه شرعاً - تعيينٌ لمقدار القلتين، وقد نبهنا على ذلك في "الإمام" (١).

* * *

[الوجه الرابع: في تفسير شيء من مفردات ألفاظه]

فمنها: البحر، وفيه نظران:

النظر الأول: في أنه هل يختصُّ بالملح، أم يعمُّ الملح والعَذْب؟


(١) انظر: "الإمام في معرفة أحاديث الأحكام" للمؤلف (١/ ١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>