الخامسة بعد المئة: قد يُستدَلُّ به على أن غسلهما (١) لا يدخل تحت الأمر بغسل الوجه - أعني: الفم والأنف - حتى يُستدَلَّ بذلك على وجوبهما؛ لأنهما لو دخلا تحت الأمر بغسله، لصَحَّ إطلاقُ لفظِ الأمر على غسلهما، ولو صَحّ لم يكن للتفريق بين الذكْر وعدمه فائدة، والظاهر خلافه، ولا يقال: إنهما ليسا من الوجه حِسًّا، فيدخلان تحت الأمر بغسل الوجه، لأنا نقول الداخل تحت الوجه هو ظاهرهما، وليس الكلام فيه، وإنما الكلام في إيصال الماء إلى باطنهما.
السادسة بعد المئة: وقد يُستَدَلُّ به على أن الأمر للوجوب؛ لأنه لو كان للندب وأنه ثابت فيهما، لما امتنع إطلاق لفظه عليهما، ولو لم يمتنع لبطلت فائدةُ التفريق بين الذكْر وعدمِه، والظاهر خلافه، وهذا على أن لا يكون كما أمره الله محالاً على ما في الآية الكريمة.
السابعة بعد المئة: لقائل أن يقول: قد سلمْتُم أن ظاهر العضوين من الوجه، ويدخل تحت الأمر بغسل الوجه، فلا يلزم من عدم الذكر حينئذ عدمُ الأمر، لثبوت الوجوب والأمر في ظاهر العضوين، وإذا ثبت ذلك جاز أن يجتمع الوجوب مع عدم ذكر اللفظ فيهما، فيبطل ما ذكرتموه من الاستدلال بعدم الذكر مع التفرقة على عدم الوجوب.
وجوابه: أن مسمَّى المضمضة والاستنشاق ليس مجردَ غسلِ الظاهر، بل هو مع إيصال الماء إلى الباطن، فلو كان هذا المجموع واجباً أو داخلاً تحت الأمر بالغسل، لاستوى مع بقية الواجبات،