للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغرةُ القومِ فلان؛ أي: سيِّدُهم، وهم غُرَرُ قومهم، فيرجع إلَى معنى الخيرية، وقد حملَ قومٌ من الفقهاء قوله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "غُرَّةُ عبدٍ أو أمةٍ" (١) علَى معنى الخيرية، حتَّى أخرجوا بعضَ الأسنان عن الإجزاء في هذا الحكم، فقال بعضهم: سنُّهُ فوق سبع سنين، ودون خمسة عشر إنْ كَان غلاماً، ودون العشرين إنْ كَان أنثَى.

واستدلَّ للتقدير بأنَّ الغرةَ الخيارُ، ومن (٢) لمْ يبلغْ سبع سنين ليس من الخيارِ؛ لحاجتِهِ إلَى من يتعهَّدُهُ، وعدمِ الاستقلال، وهذا حملٌ للغرة علَى الخيارِ، وهو مجاز، والغرّة تنطلق علَى الذاتِ، وهو، وإنْ كَان مجازًا، لكن لعلَّهُ أقرب.

ومن هذه المادة ألفاظٌ في ردِّها إلَى حقيقة الغرة، بالنِّسبَةِ إلَى المعنى المذكور؛ أعني: بياض جبهة الفرس، فيها تكلُّف، فأعرضتُ عنه (٣).

الخامسة: التحجيلُ: بياضٌ في اليدينِ والرجلين من الفرسِ، وأصلُهُ من الحجلِ، وهو الخلخال والقيد، ولا بدَّ وأنْ يجاوزَ التحجيلُ الأرساغَ، ولا يجاوزُ الرُّكبتين والعُرقوبين (٤).

السادسة: كون المؤمنين يأتون غُراً محجَّلين يومَ القيامة، يحتملُ


(١) رواه البُخاريّ (٥٤٢٦)، كتاب: الطب، باب: الكهانة، ومسلم (١٦٨١)، كتاب: القسامة، باب: دية الجنين، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) في الأصل: "إن"، والمثبت من "ت".
(٣) وانظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٧٦٧)، و"أساس البلاغة" للزمخشري (ص: ٤٤٧).
(٤) قاله القرطبي في "المفهم" (١/ ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>