للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابعة والعشرون: فيه الأمر بتخمير الإناء، وهو تغطيته، وقد ذكرنا أن اللفظةَ تدل على معنى الستر، وقد ورد مصرَّحاً بلفظ التغطية في رواية أبي الزبير: "غَطُّوا الإناء"، وكذلك في حديث القعقاع بن حكيم، عن (١) جابو: "غطوا الإناء" (٢).

الخامسة والعشرون: يظهر أن المرادَ من تخمير الإناء أن فيه شيئاً، ويشهد له روايةُ همَّام وعطاء، عن جابر في حديث ذكره: "خمِّروا الطعامَ والشرابَ"، قال همَّام: وأحسَبُه: "ولو بعود"، أخرجه البخاري (٣).

ويليق بالظاهرية أن يخصُّوه بذلك، إذ ليس في لفظ هذا الحديث لتخصيصٌ بإناءٍ فيه شيء، وليس هذا - ولا بدَّ - من مُشَنَّعات الظاهرية، فإنه سيأتي التعليلُ بنزول وَباءٍ في ليلة في السنة، وأنه لا يمر بإناءٍ ليس عليه غطاءٌ، أو سقاءٍ ليس عليه وكاءٌ، إلا نزل فيه من ذلك الوَباء، فإذا كان هذا هو العلة فلا يختص ذلك بإناء فيه شيء، فقد يكون نزولُ الوباء في الإناء الفارغ مُضِرًّا عند استعمال شيء، فيكون بعد ذلك فيه.

ومما يقوّي هذا أن في رواية مالك - رحمه الله - عن أبي الزبير، عن جابر: "أكفؤا الإناء" (٤)، وهذا إنما هو في إناء فارغ؛ لأن إكفاءه


(١) "ت": "وعن".
(٢) رواه مسلم (٢٠١٤/ ٩٩)، كتاب: الأشربة، باب: الأمر بتغطية الإناء.
(٣) تقدم تخريجه عنده برقم (٥٣٠١) و (٥٩٣٨).
(٤) تقدم تخريجها عند مسلم وأبى داود والترمذي، وقد رواه الإمام مالك =

<<  <  ج: ص:  >  >>