للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ولم يكن أبو العباس يفعل ذلك واجباً، وإنما كان يفعله احتياطاً واستحباباً، وليكون من الخلافِ خارجاً (١).

السادسة: القائلون بأنهُما يمسحان، فحكمُهُما المسح، يستدلُّون بالحديثِ، وتوجيهُهُ: أنهما من الرأسِ؛ أي: حكمُهُما حكمُ الرأس، وحكمُ الرأس المسحُ.

السابعة: لهذا الحديث معارِض يَستدلُّ به من يقول: إنهما من الوجهِ: "سَجَدَ وَجْهِي للذِي خَلَقَهُ وصَوّرَهُ، وشَقَّ سَمْعَهُ وبَصَرَهُ" (٢)، فقد أضافهما إلَى الوجهِ، وهو ظاهر؛ كما أنَّ الأولَ ظاهر في أنهما من الرأسِ؛ أعني: حكمَهما.

الثامنة: بينَ الحديثين فرقٌ في دلالتهما؛ لأنَّ "الأذنانَ من الرأسِ" يحتاجُ إلَى التأويلِ بسبب تعذُّرِ الحمل علَى الإخبارِ عن الأمرِ الحقيقي، وهذا المعنى معدوم في الحديثِ الآخر، ولإضافة خلقِهِما من الوجهِ إلَى اللهِ، وهذا من أعظم الفوائد المُقتبسة من الشرعِ، وإنما نظيرُ ذلك لو قيل: الأذنان من الوجهِ، وليس كذلك.

التاسعة: ومن توابعِ كونهما من الرأسِ في الحكم وجوبُ مسحِهِما لعينِ ما قلناه في مسحهما؛ وهو أنهما بعضُ الرأس في الحكمِ؛ وحكمُ


(١) انظر: "الحاوي" للماوردي (١/ ١٢٣).
(٢) رواه مسلم (٧٧١)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه، من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>