للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه، وهذا بعد ثبوت أنَّ نجاسةَ الفم عينيَّة (١).

الرابعة: يدلُّ على أنَّ حكمَ النَّجاسَة يتعدَّى عن محلِّها إلى ما يجاوِرُها بشرط كونِهِ مائعًا؛ لأنَّ الكلبَ إذا ولغ في شيء لم يُبَاشِرْ بلسانه كلَّ ذلك المائعِ، أو قد لا يُباشرُ، فالأمرُ بإراقته على العموم دليل على ما ذكرنا، بل الأمر بغسل الإناء من ولوغه فيهِ مع إمكانِ أن لا يصلَ لسانُه إلى الإناء دليل على ذلك.

الخامسة: وإذا دلَّ على ذلك دلَّ على نجاسة المائعات إذا وقعَ في جزء منها نجاسة، وإن عُلِمَ أنَّ ذلك الجزءَ لا يسري إلى جميع ذلك المائع لنجاستها بما يجاورُ ذلك الجزء.

السادسة: ثُمَّ يُجعَلُ أصلاً في نجاسة ما يتَّصلُ مع البِلَّة بنجس يُعلَم أنه لا يتحلَّلُ منه شيءٌ، كما لو وطئ برجله المبتلةِ عظماً نَخِراً لا دُهْنِيَّةَ فيه، أو مُتنجساً صلباً كجيرِ (٢) ممزوج بالسِّرْقين (٣) النجس، ورأيت لبعض نُظَّار المالكية منعا في هذه المسألة؛ أعني: نجاسةَ


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" للمؤلف (١/ ٢٧)، و"فتح الباري" لابن حجر (١/ ٢٧٧).
(٢) "ت": "كجصّ".
(٣) الشرقين - بكسر السين وسكون الراء: فسره البخاري بزبل الدواب، وهي فارسية السرجين - بالجيم - وكذا قال ابن قتيبة. انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>