بعضُهم لهذا المذهب، أو يستدل بقوله:"دباغُ الأديمِ ذَكاتُهُ"(١)، والذكاة لا تكون فيما [لا] يؤكل لحمه، فكذلك الدباغ، وقد استدل بهذا أيضًا.
والمقصود: أنه إن كان أبو ثور نصَّ على قاعدة فذاك، وإن كان أُخِذ بطريق الاستنباط من مذهبه في هذه المسألة فلا يدلُّ على ذلك، وقد تقدم كلامٌ في هذه القاعدة مع قاعدة: أنَّ المفهوم يخصص العمومَ عند من يقوله.
السادسة: دليلُ مذهب الجمهور في أنَّ العموم لا يُخصُّ بذكر الحكم في بعض أفراده ظاهرٌ؛ لأن المخصص منافٍ، وذكر الحكم في بعض الأفراد ليس بمنافٍ، فذكر الحكم ليس بمخصِّص.
واعترض عليه بمنع المقدمة الثانية، وهو أن ذكر الحكم في بعض الأفراد ليس بمنافٍ بناءً على قاعدة المفهوم، وفرقٌ بين منافاة الحكم ومنافاة الذكر، فسوق الحكم في بعض الأفراد ليس بمنافٍ لثبوته في غيرها، وأما الذكر فلا تسلمُ عدمُ منافاتِه؛ لأجل المفهوم الدَّالِّ على نفي الحكم عمَّا عَدَاه.
(١) رواه الدارقطني في "سننه" (١/ ٤٥)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٢١)، من حديث سلمة بن المحبق بهذا اللفظ، وقد تقدم من رواية أبي داود والنسائي بلفظ: "دباغها طهورها".