للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣]، وهذا الحديث مِنهُ؛ أعني: قولَهُ - صلى الله عليه وسلم -: "يُغْسَلُ الإناءُ مِنْ وُلُوغِ الكلب" (١).

ولَمَّا كان إطلاق الخبر علَى الأمرِ استعمالاً للفظ في غير موضعِهِ كان مجازاً، ولا بُدَّ في الحملِ عليه من دليل يدلُّ عليه، ودليلُهُ (٢) استحالةُ حملِهِ علَى الحقيقةِ لوجوبِ صدقِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - في إخباره عن الواقعِ، وعدمِ لزومِ وقوعِ ذلك في الوجودِ.

الثالثة: يَستدلُّ به مَن يرَى غسلَ الإناء من ولوغ الهِرَّة (٣)، وعذرُ مَن خالفَهُ ما قدَّمْناه من أمر رفعِ الحديثِ ووقفِهِ، وقد ذكرنا ما قيل فيه، أو لعلَّهُ يحمِلُه علَى الندبِ، وهو خلافُ الظاهر، يحتاجُ فيهِ إلَى دليلٍ، فإنْ جَعل دليلَهُ الحديثَ الَّذِي يأتي بعد ذلك، فهناك يُنْظَرُ في الترجيحِ بين السَّندَين، أو غيرِهِ.

الرابعة: ظاهرُ الأمر بغسلِ الإناءِ من ولوغه تنجسُه (٤)؛ بناءً علَى


(١) كذا في النسخ الثلاث، والحديث الذي بنيت عليه المسألة ليس بهذا اللفظ، وإنما لفظه: "يُغْسَلُ الإِنَاءُ إِذَا وَلَغَ فِيْهِ الكَلْبُ"، ولكن موضع الشاهد صحيح، والله أعلم. وانظر: "الإبهاج" للسبكي (٢/ ٢١ - ٢٢).
(٢) "ت": "ودليل".
(٣) وهم الحنفية، انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٦٥)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (١/ ١٣٧)، و"المجموع شرح المهذب" للنووي (١/ ٢٣٣).
(٤) "ت": "تنجيسه".

<<  <  ج: ص:  >  >>