في التعلُّق بالأسبابِ، وهو مذموم، و {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}[الطلاق: ٣].
والفرق بين الموضعين دقيق عسِرُ العلم، وله طريق ونظر طويل يتعلق بباب التوكل، والذي يحتاج إليه هاهنا أن يُعلم أن هذا المقدارَ من الاحتراز؛ أعني: على الطهارة بتغطية الإناء وصَوْنه عن النجاسات والمفسدات، ليس من باب الوسواس والتنطُّع، إن كان ما ذكر من هذا المعنى داخلاً في هذا التعليل.
وكذلك يؤخذ منه إن كان هذا الاحترازُ وقدره من المؤذي وأسبابه لا يُذمُّ.
الخامسة والثلاثون: في مقدمة لغيرها؛ قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سمعتُمْ بهِ بأرضٍ فلا تَقْدَموا عليهِ، وإذا وقعَ بأرضٍ وأنتمْ بها فلا تخرجُوا فِراراً منه"(١)، فقيل فيه: إن الوباء مرض عام، فإذا وقع بأرض والإنسان فيها فالظاهرُ مداخلةُ سببهِ له، فلا يفيد الفرار منه بعد دخول سببه في جسده، وإذا لم يكن بأرض فالظاهر سلامتُه، فإقدامه عليه تعرُّضٌ للضَّرر.
(١) رواه البخاري (٣٢٨٦)، كتاب: الأنبياء، باب: حديث الغار، ومسلم (٢٢١٨)، كتاب: السلام، باب: الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما.