أحدها: الغسلُ عينًا، وهو مذهب فقهاء الأمصار، وجمهور علماء الأمة.
والثاني: المسحُ عينًا، وهو مذهب المبتدعة الإمامية.
والثالث: التخييرُ بينهما، وهو مشهور عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري.
والرابع: الجمعُ بينهما، ويُعزَى لبعض أهل الظاهر، وهو أغربُ الأقوال (١).
والحديثُ يدل علَى الغسلِ؛ كما هو المذهب المشهور، ويبطل مذهب الإمامية في تعيينِ المسح للفرضية، ومنعِ إجزاء الغسل.
الحادية والثلاثون: المتحققُ من الحديثِ هو إجزاءُ الغسل، وإبطالُ مذهب من نفى الإجزاءَ به؛ كما ذكرناه، ولا يلزم من ذلك الإيجابُ لأحد الأمرين عينًا؛ أعني: المسح أو الغسل؛ لأنَّ الواجبَ المخيَّرَ فيه تجزِئُ كل خصلة منه مِن غيرِ إيجاب لعينها، فلا يكون مُبطلًا لمذهب ابن جرير.
وأما المذهب الرابع، وهو وجوب الأمرين، ففي كون الحديث مبطلاً له نظرٌ، إلا أنْ يريدَ أنَّهُ لا بدَّ من وقوع الأمرين، بمعنَى: أنْ يُقيِّدَ المسحَ بقيد يُنافي الغسلَ، فحينئذٍ يكون مُبطلًا لقوله.
(١) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٣/ ٢٩) وقال: وقد أوضحت دلائل المسألة من الكتاب والسنة وشواهدها، وجواب ما تعلق به المخالفون بأبسط العبارات المنقحات في "شرح المذهب"؛ يعني: "المجموع" (١/ ٤٧٦)، بحيث لم يبق للمخالف شبهة أصلًا إلَّا وضح جوابها.