للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثامنة: اختلفوا في الحيوان الطَّاهر، إذا وقع في ماء قليل، أو مائعٍ آخرَ، فخرج حيًّا، هل يَنجُس ما وقع فيه، بناءً على نجاسة مَنفَذِ بولهِ؟

وقد استُدِلَّ بهذا الحديث على عدم التنجيس، قال البَغَويُّ - رحمه الله - في "تهذيبه" (١): ولو وقع حيوانٌ سوى الكلبِ والخنزيرِ والمتولِّدِ؛ يعني: من أحدهما، في ماء قليل، أو مائع آخرَ، فخرج حيًّا، لا ينجِّسه؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بِمَقْلِ الذباب في (٢) الطعام، ولم يحكم بنجاسته.

ولقائل أن يقول: الاستدلالُ بالحديث على حكم المسألة لا يصحُّ؛ لأنَّ بولَ هذا الحيوان الذي ورد فيه النصُّ إما أن يكونَ نجساً، أو لا، وأيَّما كان يمتنعُ الاستدلالُ به؛ أمَّا إذا لم يكنْ، فيتعذَّرُ الاستدلالُ به قطعاً؛ لأنه لا يصحُّ أنْ يؤخذَ عدمُ التنجيس بوقوع حيوانٍ نجسِ البول من الحكم بعدم التنجيس بوقوع حيوانٍ ليس بنجس البول، وأمَّا إذا كان؛ فلأنَّ موردَ النصِّ حيوانٌ يكثُر وقوعُه في الأواني، ويشقُّ الاحترازُ منه، وهذا معنى مُعتبرٌ، لا يمكن أن يقال: إنه ملغى، وغيرُه من سائر الحيوانات النجسةِ البولِ لا يساويه في كثرة الوقوع، ولا (٣) في


(١) للإمام محي السنة حسين بن مسعود البَغوي الشافعي، المتوفى سنة (٥١٦ هـ) كتاب: "التهذيب في الفروع"، وهو تأليف محرر مهذب، مجرد عن الأدلة غالباً، لخصه من تعليق شيخه القاضي حسين، وزاد فيه ونقص. انظر: "كشف الظنون" لحاجي خليفة (١/ ٥١٧).
(٢) "ت": "من".
(٣) في الأصل: "وإلا"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>