للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأيتُ في كتاب "الأنوار" (١) لأبي الحسين بن زرْقُون المالكي: أنَّهُ لا يُجزئُهُ أنْ يُمرَّ يدَه جافةً علَى بلل رأسه؛ حكاه ابن حبيب عن ابن الماجشون، والذي يتوضأُ بالمطرِ يَنصِبُ يده (٢) للمطر، فيمسح بالبللِ رأسه، وأما الغَسلُ فيجزئُه فيه أنْ يمرَّ يده علَى جسده بماء صار فيه من ماء المطر أو غيره؛ لأنَّ ماءَ الغسل كثيرٌ يتعلق باليدِ، ويتصرف معه علَى العضوِ، وليس كذلك ماءُ المسح ليَسارته (٣).

وإذا لمْ يُشترطِ الفعلُ في الإجزاءِ، فهل يقال: هل هو (٤) مُعتبَر في الكمالِ حتَّى إنه (٥) من فعل هذه الصورةَ لمْ يأتِ بالسنة؟ هذا محتمل، ولو قيل به لمْ يَبعدْ، والله أعلم.

الرابعة والثلاثون: قوله: "بيده" لمْ يشترطُوه في الإجزاءِ، حتَّى لو مسح بعُودٍ أو آلةٍ غيرِهِ أجزأه، وهذا ظاهرٌ في الإجزاءِ لانطباقه تحت مُقتضَى الأمر، وظاهرٌ في الكمالِ أيضاً، حتَّى يُقَال في مَن مسحَ رأسَهُ


(١) كتاب "الأنوار" للإمام القاضي محمد بن سعيد بن أحمد المعروف بابن زِرقون، المتوفى سنة (٥٨٦ هـ) جمع فيه بين "المنتقى" و"الاستذكار"، وجمع أيضاً بين سنن الترمذي وسنن أبي داود السجستاني، وكان الناس يرحلون إليه للأخذ عنه والسماع منه لعلو روايته.
انظر: "الديباج المذهب" لابن فرحون (ص: ٢٨٥).
(٢) "ت": "يديه".
(٣) انظر: "مواهب الجليل" للحطاب (١/ ٢٢١).
(٤) في الأصل "إنه"، والتصويب من "ت".
(٥) في الأصل: "إن"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>