للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صار ذلك ضروريًّا غير قابل للزوال بحكمِ استيلاء الضعف على القلب، فحكم ذلك الضعيف يتبع حالَه، فيُعْذر كما يُعذر المريضُ في التقاعد عن بعض الواجبات، وكذلك قد نقول على رأي: لا يجب ركوبُ البحر لأجل حَجَّةِ الإسلام على من يغلب عليه الجبنُ في ركوب البحر، ويجب على من لا يعظُم خوفُه منه، فكذلك الأمر في وجوب الحسبة (١).

قلت: لا يبعد أن يُعتبر حالُ الشخص في نفسه وطبعه، ويُدار عليه الحكم في الوجوب أو السقوط، ويشهد له إطلاقُهم القولَ على ذلك الرأي بالسقوط عن الجبان المستشعر من غير أن يُكلَّف إزالةَ الجبنِ وتعويدَ النفس ركوبَ البحر؛ ليسهُلَ على طبعه ركوبُه، وتزولَ قوةُ خوفه، والله أعلم.

السابعة والستون بعد المئتين إلى تمام السبعين: المكروه المتوقع غير منضبط في كلام أكثرهم، وليس مطلقُ المكروه كافيًا في سقوط الواجبِ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودرجاته تختلف، كالكلمةِ المؤذية، واستطالةِ اللسان، والضرب، والقطع، والقتل، وغيرِ ذلك مما تتفاوتُ رتبُه.

ولقد بلغني عن بعض أهل الإسكندرَّية: أنه كان يأمر بالمعروفِ و (٢) يناله المكروهُ، فقال له بعضُ فقهائهم المشهورين بالعلم، وكان


(١) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (٢/ ٣٢١).
(٢) "ت": "وهو".

<<  <  ج: ص:  >  >>