للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البدع، ففي هذا الجزم نظرٌ، وليس في قوله: "لا تدري ما أحدثوا بعدك" ما يقتضي العمومَ في المُحْدِثين والأَحْداثِ، وقد يُطلَق هذا اللفظ ويُراد به بيانُ [وجودِ أصلِ السبب في الفعل؛ كالذَّوْدِ في هذه الموضع مثلًا، وقد يُراد به] (١) الإخبارُ عن كثرة الموانع والأسباب المُوْجِبة للفعل؛ كما لو جنى إنسانٌ جِنَايةً، وقُصِدت عقوبتُه، فشُفِع فيه، فقال القاصد للعقوبة: لا تدري ما فعل؛ يعني: أنَّ جناياتِه كثيرةٌ لا تحتمل العفوَ، وقد يقال أيضًا لأجل تعظيم الجناية؛ كما لو فَعلَ فعلًا واحدًا أُريدت عقوبتُه، فشُفع فيه، فقيل: لا تدري ما فعل، تعظيمًا للجناية.

إذا ثبت هذا فنقول: لا شكَّ أنَّ رُتَبَ البدع والمعاصي والكبائر متفاوتةٌ، فجاز أن يكونَ هؤلاء المذادونَ قيل فيهم هذا القولُ لكثرة أحداثهم أو عِظَمِها، فإذا لم يلزم [العمومُ] (٢) لمَ يَنبغِ الجزمُ به؛ والله أعلم.

الثامنة والعشرون: الذي أوجب الكلام على "لَيُذَادَنَّ"، ومَنْ همُ المُذَادون، وإن لم يكن ذلك مذكورًا في الحديث في الأصل، ولا في الروايتين المختصرتين في الأصل أيضًا؛ لما أشرنا إليه مِنْ أنَّه قد تكون بعضُ الألفاظِ التي في الأحاديث التي ذكرناها، ويُحتاج إلى النَّظر فيه؛


(١) سقط من "ت".
(٢) زيادة من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>