للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امتحانُ المُكَلَّف بالامتثال، والقصدُ ركنٌ في ذلك، وعلى هذا يقول الحنفية في مسألة النية: إن الماء مطهِّرٌ بنفسه، فلا حاجةَ فيه إلى النية، وهذا إشارة إلى ما ذكرناه من أن الأصلَ ترتبُ المسبب على سببه، ومن يَشترِط النيةَ في الوضوء فبدليل من خارج على اعتبار شرط في إعمال السبب (١).

السابعة والثامنة عشرة: قد يتعلَّق النظرُ فيما نحن فيه بما (٢) إذا جلسَ في الوضوء أو الغسل تحتَ الميزاب، أو برز للمطر فأصابه الماءُ، ناويًا للوضوء أو الغسل صحَّ، وإذا وقف في مَهَبِّ الريح قاصدًا بوقوفه التيممَ حتى أصابه الترابُ فمسحه بيده، ففيه اختلافٌ عند الشافعية، رحمهم الله (٣).

فأما صحةُ الوضوء والغسل فكأنَّه لمعنى السببية في تطهير الماء كما يذكره الحنفية، لكن باعتبار شرط آخر بدليل من خارج، وهو النيةُ عند الشافعية والمالكية.

وأما مسألة التيمُّم؛ فالاختلاف فيها راجعٌ إلى أنَّ الأمرَ توجَّه بالقصد إلى الصَّعيد في قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيبًا} [المائدة: ٦].


(١) انظر: "البحر المحيط" للزركشي (١/ ١٧١).
(٢) "ت": "بهما".
(٣) ظاهر نص الشافعي رحمه الله وقول أكثر الأصحاب: أنه لا يصح تيممه؛ لأنه لم يقصد التراب، وإنما التراب أتاه. انظر: "فتح العزيز في شرح الوجيز" للرافعي (٢/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>