للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية بعد الثلاث مئة: هو عامٌّ بالنسبة إلى القضاة والداعين، وقد خصَّه بعضُهم فقال: لا ينبغي للقاضي أن يجيبَ الدعوة إلا في الوليمة وحدَها للحديث، وهذا مروي عن مُطَرِّف، وابن الماجشُون من أصحاب مالك رحمهم الله تعالى، [وقال] (١) في كتاب ابن الموَّاز: كُرِهَ (٢) أن يجيب أحدًا، وهو في الدعوة الخاصة أشدُّ.

وقال سُحنون في كتاب ابنه: يجيبُ الدعوةَ العامة، ولا يجيب الخاصّة، فإن تنزَّه عن مثل هذا فهو حسن (٣) (٤).

والعمومُ يقتضي ظاهرُه المساواةَ بين القاضي وغيره، والذين استثنَوا القاضي فإنما استثنوهُ لمعارضٍ قام عندهم، وكأنه (٥) طلب صيانته عما يقتضي ابتذالَه وسقوطَ حُرمتهِ عند العامة، وفي ذلك عودُ ضررٍ على مقصود القضاء من تنفيذ الأحكام؛ لأن الهيبةَ (٦) مُعِينةٌ عليها، ومن لم يعتبرْ هذا رَجَعَ إلى الأمر (٧)، فإنَ تَرْكَ العملِ بمقتضاه مفسدةٌ محققةٌ، وما ذكر من سبب التخصيص قد لا يُفْضِي إلى


(١) زيادة من "ت".
(٢) "ت": "أكره".
(٣) "ت": "أحسن".
(٤) انظر: "تبصرة الحكام" لابن فرحون (١/ ٣٤).
(٥) "ت": "فكأنه".
(٦) "ت": "الهيئة".
(٧) "ت": "عن الأوامر".

<<  <  ج: ص:  >  >>