لأنَّ التعبيرَ عن الخاص باللفظ العامِّ غيرُ ممتنع، كما تقول: رأيت رجلًا، وأنت تريد معيَّنًا، ويكون التعبيرُ بالتنكير هاهنا أكثرَ فائدة من التعبير بالتعريف، وستأتي فائدتُه في وجه الفوائد والمباحث إن شاء الله تعالى.
السادسة: قوله عليه السلام: "فإِنَّها مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ" تفسيُره بحضور الملائكة، يمكن أن يكون فيه تنبيهٌ على علة المنع في وقت الكراهة؛ لأنَّ الملائكةَ لا تشهد، ولا تحضر عند عبادة الكفار؛ لأنه [لمَّا] علَّلَ الإباحةَ بالشهود والحضور، دلّ على انتفاء العلة في حالة المنع، وإلا لَمَا اختصت الإباحة بحالة الشهود والحضور، والله أعلم.
السابعة: ويكون التعليل بكون الكفار يسجدون لها من إضافة الحكم إلى سبب السبب، أي: أن الكفارَ يسجدون، وهو سببٌ لعدم حضور الملائكة الذي هو السبب للمنع، وقد دل كتاب الله تعالى على أن شهودَ الملائكة سببٌ للأمر بالفعل، والحثِّ عليه، وهو قوله تعالى:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}[الإسراء: ٧٨] إذا حملناه على الملائكة، وهو الظاهر.
الثامنة: قد حكينا فيما مضى معنى استقلال الظلِّ بالرمح، ويحتمل معنًى آخرَ يليق بهذا المكان؛ وذلك أن الظلَّ إذا كان تحتَ القائمِ، كان شبيهًا باستقلال الحامل بالمحمول، فاستُعِير له لفظه بالمشابهة، ويكون من قولهم استَقَلَّ فلانٌ بالأمر، وفلانٌ لا يستقِلُّ بهذا الأمر، أي: قام به، أو لا يقوم به.