للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستحسان ومراعاة الخلاف، والمسامحة في ترك بعض ما وقع وتَمَّ، وهذا الآخر ضعيفٌ، وقد تشتبه هذه المسامحةُ بعدم نقض حكم القاضي بعد وقوعه، وهو تشبيه ضعيف أيضًا.

الثانية: أما من قال بوجوب الاستيعاب وعدم الاكتفاء بما دونه؛ فهو ظاهر الكتاب العزيز، واستدل على ذلك بوجوه:

أحدها: أن الحكم المعلَّق باسمٍ يقتضي تعليقَه بجملته؛ كأكلْتُ الرغيف، وغسلتُ اليد، وكأن هذا الذي اعتمده مالك رحمه الله، فإنه روي: أنه سئل عمَّن مسح مقدَّم رأسه هل يُجزِئه؟ فقال: لا، أرأيت لو غسل بعض وجهه؟! (١)

وثانيها: صحة الاستثناء بأن يقال: امسح برأسك، أو امسح رأسك إلا بعضه، والاستثناء يُخرِج من الكلام ما لولاه لدخل.

وثالثها: التأكيد بما يدل على الجملة؛ كامسحْ برأسك كلِّه أو بجملته (٢).

والذي يُعتَرَضُ به على هذا ما ادُّعي من كون (٣) الباء للتبعيض، وقد أنكره ابن جِنِّي وقال: كون الباء للتبعيض شيء لا يعرفه أهل اللغة.

وربما اسْتُدِل ببعض ما ذكرناه على أن الباء ليست للتبعيض، للتأكيد بـ "كل"، للزوم التناقض على هذا التقدير.


(١) رواه ابن جرير في "تفسيره" (٦/ ١٢٥) من طريق أشهب، عن مالك.
(٢) انظر: "الذخيرة" للقرافي (١/ ٢٥٩).
(٣) "ت": "أن" بدل "من كون".

<<  <  ج: ص:  >  >>