للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نختاره: أنَّا إذا جعلنا اللفظَ حقيقةً في شيء، وحاولنا ردَّ الباقي إليه بالمجازِ، وكانتِ العلاقةُ خفيَّةً (١)، أو بعيدةً جدًا، أنْ نُقَدِّمَ الاشتراكَ حينئذٍ، والمجازُ وإن كان خيرًا منه، إلا أنَّه يبقى مَرْجُوحًا بالنسبة إلى خَفَاء علاقَتِهِ، أو بُعْدِها، وقد ذكر الواحديُّ في "وسيطه" في تفسير قوله تعالى: {مَاذَا قَالَ آنِفًا} [محمد: ١٦]؛ أي: الساعَةَ، ومعنى الأنف: من الائتناف، يقال: ائتنفْتُ الشَّيءَ، أي: ابتدأْتُه، وأصله من الأَنْف، وهذا ابتداء كل شيء (٢)، و [هذا] (٣) كأنه يَرُدُّ أكثرَ الاستعمالات، أو كلَّها، إلى معنى الابتداء.

الرابعة: قال الراغب: البُلُوغ والبَلاع: الانتهاءُ إلى أقصى المَقْصِد والمُنتهى، مكانًا كان أو زمانًا، أو أمرًا من الأمور المقدَّرة، وربما يُعبَّر بِهِ عَنِ المشارَفةِ عليه، وإن لم ينتهِ إليه، فمن الانتهاء: {بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} [الأحقاف: ١٥]، وقوله: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢]، و {مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ} [غافر: ٥٦]، {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} [الصافات: ١٠٢]، {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ} [غافر: ٣٦]، {أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ} [القلم: ٣٩]؛ أي: منتهيةٌ في التوكيد.

والبَلاغ: التبليغ، نحو قوله: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ} [إبراهيم: ٥٢]، وقوله: {بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} [الأحقاف: ٣٥]، {وَمَا عَلَيْنَا إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [يس: ١٧]، {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا


(١) في الأصل و "ت": "حقيقة"، والمثبت من هامش "ت".
(٢) انظر: "أساس البلاغة" للزمخشري (ص: ٢٣).
(٣) زيادة من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>