للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وما ذكره الفرَّاءُ من أن المقصودَ بـ (ثم) ترتيبُ الإخبار، لا ترتيبُ الشيء في نفسه، وكأنه قال: اسمعْ مني هذا الخبرَ الذي هو: بلغني ما صنعتَ اليوم، ثم اسمعْ مني هذا الخبرَ الآخرَ الذي هو (١): ما صنعتَ أمسِ أعجبُ، ليس بشيء؛ لأن (ثم) تقتضي تأخيرَ الثاني عن الأول بمُهلة، ولا مُهلة بين الإخبارين (٢).

فأقول: أما إبطالُ حملِ التراخي، والمُهلةِ على التراخي بين الإخبارين، فصحيحٌ لاشكَّ فيه، وأما على الترتيب فلا، وأبو الحسن لم يذكرْ عن الفراء أن المقصودَ بـ (ثم) تراخي الإخبار، وإنما ذكر أن المقصودَ فيها (٣) ترتيبُ الإخبار، والترتيبُ في الإخبار أعمُّ من التراخي (٤)، فلا يلزمُ من إبطال التراخي في الإخبار إبطالُهُ في الترتيب.

ولئن قال: إن (ثم) مُقتضيةٌ للتراخي في نفس الأمر، فإذا جعلها للترتيب في الإخبار لزمَهُ الترتيبُ في التراخي، قيل له: إذا كان مدلولها الشيئين؛ الترتيب، والتراخي، وتعذَّرَ التراخي، جرَّدناها عن دلالتها عليه، وأثبتنا دلالتها على الترتيب، الذي هو أحدُ مدلوليها، وهو أقربُ من تجريدها عنهما معًا.

العاشرة: في ذكر طريق أُخرى في تخريج ما ظاهرُهُ المخالفةُ


(١) "ت": "وهو".
(٢) وانظر: "شرح الجمل" لابن عصفور (١/ ٢٣٤ - ٢٣٥).
(٣) "ت": "بها".
(٤) "ت": زيادة "فيه".

<<  <  ج: ص:  >  >>