للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* الوجه الخامس: في الفوائد والمباحث، وفيه مسائل:

الأولى: مذهب الفقهاء والمختار عند الأصوليين (١): أن هذه الصيغة؛ أعني: (نهى) منزَّلةٌ مَنْزلةَ حكايته صيغة لفظ النهي من النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وربما نازع فيه قوم؛ لاحتمال اعتقاد ما ليس بنهيٍ نهيًا، وهو ضعيف؛ لأن معرفةَ الراوي باللغة طبعًا وتحرُّزَهُ عن المجازفة شرعًا وتحسين الظن به يُبعد ذلك، فإن وقع دليلٌ يدل على هذا الاحتمال ورُجّحَ على ما ذكرناه، قُدّم حيث وُجدَ ذلك بخصوصه لا مطلقًا (٢).

الثَّانية: قد ذكرنا عن مالك، وصاحب "الصحاح" ما يدلُّ على أن القَزَعَ في مواضع متفرقة، وذكرنا عن بعضهم ما هو أعم من ذلك وهو تركُ حلق بعض الشعر، فيحتمل أن يقال: إن اللفظ مشترك، وهو الذي يقتضيه كلام ابن سيده، فإنَّه ذكر الأمرين معًا؛ أعني: أن يكون القزعُ أخْذَ بعض الشعر وترْكَ بعضه، وأن يكون القزع في مواضع


(١) "ت": " أهل الأصول".
(٢) قال ابن العربي في "المحصول في أصول الفقه" (ص: ١١٧ - ١١٨): ألفاظ الشريعة على قسمين:
أحدهما: أن يتعلق بها التعبد كألفاظ التشهد، فلا بد من نقلها بلفظها.
والثاني: ما وقع التعبد بمعناه، فهذا يجوز تبديل اللفظ بشرطين:
أحدهما: أن يكون المبدِّل ممن يستقل بذلك، وقد قال واثلة بن الأسقع: ليس كل ما سمعناه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحدثكم فيه باللفظ، حسبكم المعنى.
والدليل القاطع في ذلك: قول الصَّحَابَة - رضي الله عنهم - عن بُكرة أبيهم: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كذا وأمر بكذا, ولم يذكروا صيغة الأمر ولا صيغة النهي، وهذا نقل بالمعنى، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>