الأربعون: مُقتضَى الحديثِ مسحُ جميع الرأس، ومالكٌ - رحمه الله - يوجبه، واختاره المُزَنِيُّ من أصحاب الشافعي، وهو رواية عن أحمد.
ومذهب الشافعي: أنَّ الواجبَ المُسمَّى.
وعن أبي حنيفة - رحمه الله -: أنَّ الواجبَ ربعُ الرأس، ورُبَّما عُبِّر عنه بالناصية.
ولأتباعِ مالكٍ - رحمه الله - اختلافٌ فيما يُجزِئ عندَ الاقتصار علَى البعضِ، فمنهم من يقول: الثلثان، ومنهم من يقول: الثلث، ومنهم من يقول: الناصية (١)، ولا يلزم من هذا أن تكون هذه المقادير هي القَدْرُ الواجب علَى أصولهم، والله أعلم.
الحادية والأربعون: من أراد الاستدلالَ بالحديثِ علَى وجوب التعميم فله مسلكان:
المسلك الأول: أنْ يذهبَ إلَى أنَّ الفعلَ للوجوب، والقاضي أبو محمد عبد الوهاب المالكي يفعل ذلك، إلا أنَّ المرجَّح في الأصولِ خلافُهُ؛ أعني: عدم دلالة الفعل علَى الوجوبِ.
المسلك الثاني: أنْ يذهبَ إلَى الإجمالِ في قوله تعالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}[المائدة: ٦]، وقد نُقِلَ ذلك عن بعض الحنفية، ووُجِّهَ بأنَّهُ مُحتملٌ لأنْ يكونَ المرادُ منه مسحَ جميع الرأس، وأنْ يكونَ
(١) انظر: "الهداية" للمرغيناني (١/ ١٢)، و"الذخيرة" للقرافي (١/ ٢٥٩)، و"المجموع في شرح المهذب" للنووي (١/ ٤٥٨)، و"المحرر" للمجد ابن تيمية (١/ ١٢).