للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولويَّةَ في الحكم فيها، وذكر وجهين:

أحدهما: أنه لما نَصَّ على الولوغ، وهو أصونُ أعضاءِ الكلب، كان وجوبُ الغسل بما ليسَ بمصونٍ منها أَولَى.

والثاني: أنَّ ولوغَهُ يكثُر، وإدخالُ غير ذلك من أعضائه يَقِلُّ، فلما علَّق وجوبَ الغسل بما يكثُرُ، كان وجوبُهُ بما يقلُّ أَولَى؛ لأنَّ النَّجاسَة إذا عمَ وجودُها خَفَّ حكمُهَا، وإذا قلَّ وجودُها تغلَّظ (١) حكمُها (٢).

وهذا إن كان مَبنياً على القول بالقياس، وفَرعاً له، فلا يصلُحُ ردًّا على داودَ مُنكِرِ القياسِ، بل طريقُه إثباتُهُ عليه، ثمَّ ادِّعَاءُ أولويتِهِ، وإن كان ذلك بنَاء على ما في نفس الأمر، سواءٌ قلنا بالقياس، أم لا، فهذا إنَّما يكونُ فيما يقوَى فيهِ الإلحاقُ، كالضرب مع التأفيف، مع القول بأنَّ ذلك ليسَ بقياس.

التاسعة عشرة: لا بُدَّ من التَّخصيص في الأواني عند مَن يرَى أنَّ الغسلَ للنجاسة، ويرَى أنَّ القليلَ من الماء ينجُسُ بوقوع النَّجاسَة فيه، فحينئذٍ يَخصُّ ذلك بالماء القليل، ويُخرِج عنه الماءَ الكثير.

والشَّافِعيُّ - رضي الله عنه - لمَّا حدَّد (٣) الكثيرَ بالقُلَّتين يُخرِجُ الإناء الَّذِي


(١) "ت": "يتغلظ".
(٢) انظر: "الحاوي" للماوردي (١/ ٣١٥).
(٣) "ت": "حدَّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>