للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحادية والعشرون: نُقل عن بعضهم أنه قال: أرجى آيةٍ في كتاب الله آية الدين، وأخذَ ذلك من حيث عناية الله تعالى بإرشاد العباد إلى مصالحهم حتى انتهت إلى كتابة الدين الصغير والكبير، وبمقتضى ذلك يُرجى العفوُ عنهم؛ لظهور أمر العناية العظيمة حتى بالمصلحة الدنيوية الحقيرة.


= ومن هذا المعنى يفهم بعض معاني جمال ذاته، فإن العبد يترقى من معرفة الأفعال إلى معرفة الصفات، ومن معرفة الصفات إلى معرفة الذات، فإذا شاهد شيئاً من جمال الأفعال استدل به على جمال الصفات، ثم استدل بجمال الصفات على جمال الذات، ومن هاهنا يتبين أنه سبحانه له الحمد كله، وأن أحداً من خلقه لا يحصي ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه.
ثم ذكر ابن القيم كلامًا، ثم قال: والمقصود: أن هذا الحديث الشريف مشتمل على أصلين عظيمين؛ فأوله معرفة وآخره سلوك، فيعرف الله سبحانه بالجمال الذي لا يماثله فيه شيء، ويعبد بالجمال الذي يحبه من الأقوال والأعمال والخلاق، فيحب من عبده أن يجمل لسانه بالصدق، وقلبه بالإخلاص والمحبة والإنابة والتوكل، وجوارحه بالطاعة، وبدنه بإظهار نعمه عليه في لباسه وتطهيره له من الأنجاس والأحداث والأوساخ والشعور المكروهة والختان وتقليم الأظفار، فيعرفه بصفات الجمال، ويتعرف إليه بالأفعال والأقوال والأخلاق الجميلة، فيعرفه بالجمال الذي هو وصفه، ويعبده بالجمال الذي هو شرعه ودينه، فجمع الحديث قاعدتين: المعرفة والسلوك، انتهى. انظر: "الفوائد" (ص: ١٨٢ - ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>