للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراوي، أو للإباحة من الشارعِ، وظاهر اللَّفظ: أنَّهُ من لفظ الشارع.

والأقربُ من جهة الدليل: أنْ يكونَ شكًّا من الراويِ، أمَّا أوَّلاً: فلأنَّا لا نعلمُ أحداً يقول بتعيين الأولَى أو الأخيرة (١) فقط، بل إمَّا بتعيينِ الأُولَى، أو التخييرِ بين الجميع، وأمَّا ثانياً: فلأنَّهُ لا يظهر معنًى معقولٌ لتخصيصِ التخييرِ بين الأُولَى والأخيرة، فتأمَّلْه (٢).

الثانية: الخبرُ يَرِدُ بمعنَى الأمر، والأمرُ يرد بمعنَى الخبر؛ لاشتراكِ كلِّ واحدٍ منهما مع الآخر في معنَى التحقُّقِ (٣) والثبوت، فمِنْ ورود الخبر بمعنَى الأمرِ قولُهُ تعالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ


(١) "ت": "الآخِرة".
(٢) قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (١/ ٢٧٥): طريق الجمع بين هذه الروايات أن يقال: "إحداهن" مبهمة و"أولاهن" و"السابعة" معينة، و"أو" إن كانت في نفس الخبر فهي للتخيير، فمقتضى حمل المطلق على المقيد: أن يحمل على أحدهما؛ لأن فيه زيادة على الرواية المعينة، وهو الذي نص عليه الشافعي في "الأم" والبويطي، وصرح به المرعشي وغيره من الأصحاب، وذكره ابن دقيق العيد والسبكي بحثاً، وهو منصوص كما ذكرنا. وإن كانت "أو" شكاً من الراوي؛ فرواية من عيَّن ولم يشك أولى من رواية من أبهم أو شك، فيبقى النظر في الترجيح بين رواية "أولاهن" ورواية "السابعة". ورواية "أولاهن" أرجح من حيث الأكثرية والأحفظية ومن حيث العدد أيضاً؛ لأن تتريب الأخيرة يقتضي الاحتياج إلى غسله أخرى لتنظيفه، وقد نص الشافعي على أن الأولى أَولى، انتهى.
(٣) "ت": "التحقيق"

<<  <  ج: ص:  >  >>