للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له صفةً، جاز له الوضوء منه، فأجاز له الوضوء منه بعد حمل غائط أنزله به، أو حُبٍّ من بول صبه فيه، وحرمه عليه لنقطة من بول بالها فيه؟!! جلَّ الله تعالى عن قوله، وكرَّم دينَه عن إفكه (١).

والشناعةُ كلُّها راجعةٌ إلى ما قررناه من قوة القياس في معنى الأصل، فإنه قد ظهر للعقول ظهورًا قويًا لا يُرتَاب فيه بحيث يُدَّعَى فيه القطعُ: أنَّ النهي عن استعمال ما وقع فيه البولُ إنما هو لأجل ما تقتضيه صفتُه من الاستقذار، ومتى وُجدَ هذا المعنى بأي طريق كان، وجب أن يكونَ الحكمُ ثابتًا.

الرابعة: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "في المَاءِ الرَّاكِدِ"، تقييد للحكم بالصِّفة، فمَنْ يقول فيه بمفهوم المخالفة، اقتضى مذهَبُه مخالفةَ [الماء] (٢) الجاري في هذا الحكم للماء الراكد، ويندرج تحت هذا مسائلُ كثيرةٌ فرَّعها الفقهاء (٣)، نذكر بعضَها بعد تقديم مقدِّمةٍ على الشروع في شيء منها.


(١) نقله عن المؤلف: الفاكهاني في "رياض الأفهام" (ق ١٠ / أ).
قلت: قال الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (٣/ ١١٥٣): ابن حزم رجل من العلماء الكبار، فيه أدوات الاجتهاد كاملة، تقع له المسائل المحررة، والمسائل الواهية كما يقع لغيره، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد امتُحن هذا الرجل، وشدِّد عليه، وشُرِّد عن وطنه، وجرت له أمور، وقام عليه الفقهاء لطول لسانه واستخفافه بالكبار، ووقوعه في أئمة الاجتهاد بأفجِّ عبارة، وأبشع رد.
(٢) سقط من "ت".
(٣) "ت": "العلماء".

<<  <  ج: ص:  >  >>