للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامسة والثمانون بعد المئة: ظاهر الحديث خروجُه من جميع ذنوبه، كبيرِها وصغيرِها، وقد خصُّوه أو مثلَه بالصَّغائرِ، لما [جاء] (١) في الحديث الآخر: "الصَّلواتُ الخَمْسُ، والجمعةُ إلى الجُمعةِ، ورمضانُ إلى رمضانَ؛ مُكفِّراتٌ لِما بينهنَّ، إذا اجتُنِبَت الكَبائُر" (٢).

قال بعضهم: يدلُّ على أنَّ الكبائرَ إنما تُغفرُ بالتوبة المعبَّرِ عنها بالاجتناب في قوله تعالى {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: ٣١] قال: وعلى هذا فقوله: "حتىَّ يخرجَ نقيًّا من الذُّنوبِ" يعني [به] (٣): من الصغائر.

قال: ثم لا بُعدَ أن يكون بعضُ الأشخاص تُغفر له الكبائُر والصغائرُ، بحسب ما يحضُرُه من الإخلاص، ويراعيه من "الإحسان والآداب، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (٤).

قلت: أما قوله: يدلُّ على أنَّ الكبائر إنما تغفر بالتوبة، فيه نظر؛ لأن هذا التقييد باجتناب الكبائر إنما وردَ بالنسبة إلى تكفيرِ هذه الأمور، ولا يلزمُ من اشتراطِه في هذه الأمور اشتراطُه في غيرِها، فإن مراتبَ العبادات مختلفةٌ، والثواب مرتَّبٌ على حسب عِظَمِ رتبَتِهَا


(١) سقط من "ت".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) زيادة من "ت".
(٤) انظر: "المفهم" للقرطبي (١/ ٤٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>