للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأربعون: تعليقُ الأمرِ بالثلاثِ يقتضي عدمَ الاكتفاءِ بما دونَها؛ وأنْ يكونَ غمسُها (١) قبلَ الغسلِ ثلاثاً كغمسِها قبلَ أصلِ الغسلِ؛ لأنَّ النهيَ باقٍ لا يزولُ حتَّى يغسِلَها ثلاثاً، وهو ظاهرُ هذا اللفظِ، وبمعناهُ حَكمَ بعضُ الحنابلةِ (٢)، إلا أنَّ الروايةَ التي ذكرها الترمِذيُّ: "مرتينِ، أو ثلاثاً" [تقتضي الاكتفاءَ بمرتينِ] (٣)؛ لما دلَّ عليهِ ظاهرُ التخييرِ.

الحادية والأربعون: استُدلَّ بهِ علَى أنَّ التثليثَ في الغَسلِ مُستحَبٌّ عندَ تحقُّقِ النجاسةِ؛ لأنَّهُ إذا استُحِبَّ عندَ الاحتمالِ، فعندَ التحقيقِ أولَى، واللهُ أعلمُ.

الثانية والأربعون: النهيُ عن الشيءِ يقتضي إمكانَ فعلِ المنهيِّ عنهُ؛ فلمَّا نهَى عن الغمسِ قبلَ إدخالِ اليدِ في الإناءِ، وأنَّهُ محلُّ الحكمِ فيخرجُ عنهُ الوضوءُ من إناءٍ لا يُمكنُ إدخالُ اليدِ فيهِ؛ لضيقِ فمِهِ، أو لتشبيكٍ في رأسهِ، فإنْ قيلَ بخلافِ ذلكَ، فليكُنْ بدليلٍ آخرَ.

وقد نصَّ بعضُ أكابرِ الشافعيةِ علَى أنَّهُ يُستحَبُّ غسلُ اليدينِ لو كانَ يتوضَّأُ من قُمقُمة (٤)، وعلَّلَ ذلكَ بالاحتياطِ للماءِ الذي يَصبُّهُ علَى


(١) في الأصل "غمساً"، والمثبت من "ت".
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٧٢).
(٣) زيادة من "ت".
(٤) القُمقُم: إناء ضيق الرأس، يسخن فيه الماء، يكون من نحاس وغيره، فارسي، ويقال: رومي، وهو معرب، وقد يؤنث فيقال: قمقمة. انظر: =

<<  <  ج: ص:  >  >>