للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدَّمنا الجوازَ عنه، على أن هذه المرتبةَ أقربُ من مرتبة استثناء جلد الكلب عن العموم، وإلى الإخراج عنه، وإما أن يخصَّ بما ذُكِر من الامتهان، وربما قيل: لأنه معصية، إلا أن هذه المعصيةَ مجانبةٌ لمقصود الدباغ، لا تعود بخَلَل ولا نقص فيه، فيمكن أن يُردَّ إلى أنَّ الرخصَ لا تُناطُ بالمعاصي، بعد تقرير أنَّ تطهيرَ الدباغ للجلد رخصةٌ، والله أعلم.

التاسعة والعشرون: ويمكن من يقول بتنجيس الآدمي بالموت أن يستدل بالحديث، فيقول: إن كان يطهر جلدُه بالدباغ فقد نجس بالموت، والملزومُ ثابتٌ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما إهابٍ دُبغ" فاللازم ثابت، وهو النجاسة بالموت.

وبيان الملازمة: أن التطهيرَ بالدباغ يقتضي عدمَ الطهارة قبل الدباغ، وعدمُها بحصول النجاسة.

الثلاثون: اختلفوا في طهارة ما لا يؤكل لحمُه بالذكاة، ومذهب الشافعي: عدم الطهارة (١)، وعن أبي حنيفة: ثبوتُها (٢)، واستدلَّ لعدم الطهارة بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما إهابٍ دُبغَ فقد طَهُر"، وطريق الاستدلال من وجهين:

أحدهما: أن الحديث يقتضي ترتبَ حكم الطهارة على الدباغ


(١) انظر: "فتح العزيز في شرح الوجيز" للرافعي (١/ ٢٩٩).
(٢) انظر: "الهداية" للمرغيناني (٤/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>