للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشبهيَّة بينهما لما بينهما من الشبهِ في الصورةِ، وذلك (١) أنهما وُجدا في أصل الخِلقةِ بلا شعر، وجُعلتا محلاً لحاشَة من الحواسِ، ومعظمُ الحواس محلُّه الوجهُ، فقيل: "الأذنانَ من الرأسِ"؛ ليُعلمَ أنهما ليستا من الوجه (٢).

والوجهُ الأول الذي ذكره الخطابي عن أصحاب الشافعي؛ إن أراد به أنهما يمسحان بماء الرأس، فليسَ مذهباً لهم، وإن أراد أنهما يُمسحان كما يمسح الرأس، وأن فسحَهما علَى سبيل التبعيَّة، فله وجهٌ، لكنْ كونُهما علَى سبيل التبعيَّة فيه نظرٌ؛ لأنَّ قولهم هو: إنهما عضوان علَى حيالهما، لا من الرأسِ، ولا من الوجه.

السادسة عشرة: الذين قالوا: إنهما من الرأسِ؛ أي: حكمُهما حكمُ الرأس في المسحِ، يحتاجون إلَى الجوابِ عن الحديث المعارِضِ له الدالّ علَى أنهما من الوجهِ، وهو: "سَجَدَ وَجْهِي" إلَى آخره (٣).

وقد أجاب عنه أقضَى القضاةِ المَاوَردِيُّ بأن قال: إنما هو عبارةٌ عن الجملةِ والذات؛ كما قالَ تعالَى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ


(١) في الأصل: "لذلك"، والمثبت من "ت".
(٢) انظر: "معالم السنن" للخطابي (١/ ٥٢).
(٣) تقدم تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>