للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الإنسانَ ظالمٌ لنفسه بالمعصية، {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [البقرة: ٢٣١]، {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [البقرة: ٥٧]، فردُّهُ نفسَه عن العمل بدواعي المعصية إلى إجابة داعي الشرع نصرٌ لها، وأُمرِنا بنصر المظلوم، فهذا يمكن أن يقال، إلا أنه يبعد أن يكونَ هو المرادُ من لفظ الحديث.

السادسة والعشرون بعد المئة: قد صحَّ في الحديث: "اُنصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، فيل: نَصرتُهُ (١) مظلومًا، فكيف أنصره ظالمًا؟ قال: "تمنعُهُ من الظلمِ، فذلك نصرُك إيَّاه" (٢).

والأمرُ بنصرِ المظلوم لاشكَّ في أن المرادَ به نصرُه مما ظُلم فيه، فلا يتأدَّى الفرضُ إلا به، وإن كان اللفظ لا يقتضي هذا التخصيصَ بوضعه، ولكنه معلوم ضرورةً، فلو لم ينصرْه فيما ظُلِم فيه، ونَصرَهُ بوجوه أُخرَ لم يتأدَّ الفرضُ (٣)، وهذا مما يحلل (٤) عُقَدَ الظاهريةِ الجامدة، ويحقق اتباع ما يفهم من مقصود الكلام.


(١) "ت": "قال أنصره".
(٢) رواه البخاري (٦٥٥٢)، كتاب: الإكراه، باب: يمين الرجل لصاحبه إنه أخوه إذا خاف عليه القتل أو نحوه، من حديث أنس - رضي الله عنه -، وفيه: "فقال رجل يا رسول الله! أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا، كيف أنصره؟ قال: "تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره".
(٣) في "الأصل": "ونصره بوجوده أجزى، ولو لم يتأدَّ الفرض"، والمثبت من "ت".
(٤) "ت": "ويحل".

<<  <  ج: ص:  >  >>