للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يصحّ الأول؛ لتوقف صحة الإطلاق شرعًا على دليل يدلُّ عليه، والحديثُ الذي ذكرناه دالٌّ عليه، ولكنه لم يصحَّ، ومن ادعى صحتَهُ فعليه إثباتها.

وإن ادَّعاه بحسب اللغة أو العُرف فلا يتجه؛ لأن أهل اللغة أو العُرف لا يرون الأمردَ ناقصَ الوجه، ولا الملتحيَ زائدَ الوجه.

وإن كان أطلق عليه الوجه باعتبار قيام الدليل الشرعي عنده على وجوب الغسل، فقد ذكرنا أنه لا يلزمُ منه انطلاقُ اسم الوجه عليه شرعًا، وإن أطلقه بهذا الاعتبار كان مجازًا.

الثامنة: الفقهاء يقولون: الوجهُ من المواجهة، ويجعلون ذلك دليلاً على مسائلَ يريدون الاستدلالَ فيها على الوجوب، فإن أُريدَ بأن الوجه من المواجهة ما يُراد بمثل هذا اللفظِ بالنسبة إلى الاشتقاق، فليس هذا بجيد، بل العكسُ أولى، وهو أن تكونَ المواجهةُ مشتقةً من الوجه؛ لأنَّ المواجهةَ: مقابلةُ الوجه بالوجه (١).

التاسعة: اليدُ: حقيقةٌ في الجارحة المخصوصة، وهي من أطراف الأنامل إلى الإبْط، والحنبلية، أو بعضهم يرى: أنها عند الإطلاق تُحملُ على الكفِّ؛ كما في قوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨] (٢).

العاشرة: ذكرنا أن اليدَ حقيقةٌ في الجارحة، ثم تُستعمل مجازًا


(١) قال المؤلف رحمه الله في "شرح عمدة الأحكام" (١/ ٣٤): والوجه مشتق من المواجهة، وقد اعتبر الفقهاء هذا الاشتقاق، وبنوا عليه أحكامًا.
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٧١ - ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>