للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هذا: ما انطلق عليه اسم الوجه يقينًا هو متعلَّق الوجوب، وما شُكَّ فيه فلا وجوبَ يتعلق به إلا بدليل منفصل، وليس يكفي في انطلاق الاسم عليه أن يثبت حكم وجوب الغسل فيه، بل لا بد من انطلاق اسم الوجه عليه إذا أردنا أخذ الحكم من الاسم، فلو وجب غسلُ اللحية بدليل شرعي لم يلزمْ انطلاقُ اسم الوجه عليه شرعًا، وذكر بعض فقهاء الشافعية حديثاً استدلَّ به على وجوب إفاضة الماء على اللحية: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا غطَّى لحيتَهُ فقال: "اكشفْ عن لحيتكَ، فإنَّها من الوجهِ"، وعلى ذهني نقل عن بعض المتأخرين من حُفَّاظ الحديث: أنه قال: إنَّ إسنادَهُ مظلم، أو معنى ذلك، وأمَّا أنا فلم أقفْ له على إسناد، لا مظلم، ولا مضيء (١)، فلو صحَّ لدل على انطلاق اسم الوجه عليه؛ إما وضعاً، أو شرعًا، وإذا لم يصح، فلا يتجهُ ما قاله القاضي عبد الوهاب المالكي في حدّ الوجه إلى آخر الذقن [للأمرد] (٢)، واللحية للملتحي طولًا؛ لأنه إما أن يحد الوجه بحسب انطلاق الشرع، أو بحسب الوضع، أو العرف.


(١) قال الحافظ في "التلخيص الحبير" (١/ ٥٦): لم أجده هكذا، نعم ذكره الحازمي في "تخريج أحاديث المهذب" فقال: هذا الحديث ضعيف وله إسناد مظلم، ولا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه شيء، وتبعه المنذري وابن الصلاح والنووي، وزاد: وهو منقول عن ابن عمر يعني: قوله. ثم ذكر الحافظ كلام المؤلف رحمه الله هنا. ثم قال: وقد أخرجه صاحب "مسند الفردوس" من حديث ابن عمر بلفظ: "لا يغطين أحدكم لحيته في الصلاة، فإن اللحية من الوجه"، وإسناده مظلم كما قال الحازمي.
(٢) سقط من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>