الشياطين حينئذٍ مما يقتضي اختلاطَ الصبيان بهم بوصف الكثرة والاجتماع، فإن المنتشرَ بعد الانقباض يقتضي انتشارَه الاجتماعَ في أوله (١)، كما هو المُعتَادُ في الجمع، واختلاط الصبيان بهم لا يُؤْمَن معه من حصول الضرر ولحوقِه بالصبيان، إما بما ينالُهم منهم على حسب المقدور، وإما برؤية بعضِهم فيختلُّ العقل.
الرابعة: تعليق الأمر بذلك بالصبيان مناسبٌ لما فيه مِنْ ضعفِ عقولهم، وكون ذلك أقربَ إلى حصول الضرر، وما يخاف من المحذور.
الخامسة: فيه الشفقة من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بتعريفه لأمته ما يخفى عنهم من احتمال المكروه اللاحق بهم، وهو من المغيَّبات التي لا يُطَّلع عليها إلا من جهة الأخبار النبوية، وأن ذلك عن أمر خاصٍّ من الله تعالى، ففيه الرحمة من الله تعالى بأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - به، وهذا القول في غير هذا من الأوامر التي في الحديثِ.
السادسة: انتشارُ الشياطين حينئذ لِما يحصل بالليل، ودخول ظلمته من الوحشة، وانفصال أُنسِ النهار، وقد يقال: الليل أنسُ المستوحشين، ووحشة المتأنسين، ولما كانت الشياطينُ والجنُّ مائلةً إلى الوحدة وما يخالف الأنس؛ كالبراري والقفار، كان انتشارُهم حينئذ مناسباً لحالهم، والله أعلم.