للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السابعة: (إذا) هي التي للمفاجَأَة، قال أبو محمد ابن بَرِّي - فيما وجدْتُه عنه -: اختلف النحويون في (إذا) التي للمفاجأة: فاختارَ بعضُهم: أنَّها حرفٌ؛ لأنَّ المفاجأة معنَى من معاني الكلام؛ كالاستفهامِ والنَّفيِ والتوقُّعِ، والأصلُ: أنَّ هذه المعاني وما أشبَهها، تُؤدَّى بالحروف، نحو: قدْ، ومَا، ألا تراهم يقولون: أصلُ أدواتِ الشَّرْط: إِنْ، وأصلُ أدواتِ الاستفهامِ: الهمزةُ؛ لحرفيَّتِهما (١).

واختار بعضُهم: أنَّها ظرفُ زمانٍ، لأنَّها إذا لم تكن للمفاجأة كانت ظرفَ زمانٍ بلا خلافٍ، وجعلَها كلمةً واحدةً وضعَتْها العربُ لظرفِ زمان، ولم تُخْلِها عنه، وأضافَتْ إلى دِلالتها على الزمان، تارةً الشرط، أو نحو: إذا قام زيدٌ قُمْتُ، وتارةً المفاجأة في نحو: خرجْت فإذا السبع، وتارةً جرَّدَتْها عنهما، ومَحَّضتها للزمان، نحو: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: ١]، أولى من جعلِها لفظاً مشتركاً بين الاسميَّة والحرفيَّة، أو بين ظرفي الزمان والمكان.

واختار بعضهم: أنها ظرفُ مكانٍ، وهو مذهبُ سيبويه، وعليه شَرْحُ أبي سعيدٍ، ومذهب الفراء، والمبرد، والأخفش، وأبي عليّ، وكثير من المحققين؛ لأن معنى المفاجأة: حُضُورُ الشيءِ معك بغتةً، اتفاقاً، وذلك في مكانِ فِعْلِكَ الذي باغتك ذلك الشَّيءُ فيه، أَقْعَد في معنى المفاجأة، وأَدْخَل فيها من حضوره معك في زمان فعلك، وقد تكلَّمَتِ العربُ فيه على ثلاثةِ أوجُهٍ:


(١) في الأصل: "لحرفيتها"، والمثبت من "ت".

<<  <  ج: ص:  >  >>