والمقدمة التي قال فيها: إنَّ علمَه بعدم الإلهِ الثاني، لا يزيد كمالاً في صفاته؛ ممنوعةٌ، وكتابُ الله تعالى يدلُّ على خلاف ذلك:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢]{إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[المؤمنون: ٩١] وهذا يناقضُ ما ادعاه من المقدمةِ؛ لملازمةِ علُوِّ البعض على البعض، لنقصِ المعلُوِّ عليه، ولترتُّب فسادِ العالمِ المنافي للكمال المطلقِ بالنسبة إلى القيُّومِيَّة.
الخامسة والعشرون: الحديثُ يقتضي ترتُّب (١) الثوابِ على القول، والنَّاس تكلموا في اشتراط القولِ بالإيمان، والمراتِبُ ثلاثة:
أحدها: مرتبة من تَمَّم النظر والاستدلال في معرفة الله تعالى، ولم يتمكَّن من القولِ لضيق القولِ مثلاً، فلا شكَّ أنه يكون ناجياً.
والثانية: أن تحصل المعرفة مع إمكان النطقِ، وَيترُك النطقَ إباءً واستكباراً، فلا شكَّ في عدم النجاة، قال الله تعالى:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}[النمل: ١٤]{آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ}[يونس: ٩١] وكفرُ إبليس من هذا القبيل، وكذلك كلُّ معاندٍ عرف الحق، ولم ينقَدْ له عتُوًّا وكِبْراً.
الثالثة: من عرف وتمكَّن، ولم ينطق، لا على سبيل العناد، فقد اختلفوا: هل يكون مؤمناً، أم لا؟
فالذين قالوا: بأنَّه لا يكون مؤمناً؛ جعلوا صحَّة الإيمان متوقفةً على اللفظ بهذه الكلمة، مع القدرةِ عليها، واستدلَّ بعضُهم على