بالنذر؟ وصحَّح اللزوم، وإنما أوجب الاختلاف عندهم؛ لأنهم لم يلزموا بالنذر كل ما هو عبادة أو طاعة، بل قسموا الحال فيه:
فأما العبادات المقصودة، وهي التي شرعت للتقرُّب بها، وعُلِمَ من الشارع الاهتمامُ بتكليف الخلق إيقاعَها عبادة؛ كالصوم، والصلاة، والصدقة، والحج، والاعتكاف، والعتق؛ فهذه تلزم بالنذر بلا خلاف.
وأما القربات التي لم تشرع لكونها عبادة، وإنما هي أعمال وأخلاق مستحسنة رغَّب الشرع فيها لعظم فائدتها، ويُبْتَغَى بها وجهُ الله تعالى، فيُنَال الثوابُ منها؛ كعيادة المرضى، وزيارة القادمين، وإفشاء السلام بين المسلمين، وتشميت العاطس؛ ففي لزومها بالنذر وجهان، صحَّحوا اللزوم، وتجديد الوضوء أُدْخِلَ في هذا القسم.
وأما المباح الذي يَرِدُ فيه ترغيب؛ كالأكل، والنوم، والقيام، والقعود، فلو نذر فعلها، أو تركها، ينعقد نذره، وقد يَقْصِدُ التقوِّي على العبادة، وبالنوم النشاط عند التهجد، فَينالُ الثواب، لكنَّ الفعل غير مقصود، والثواب يحصل بالقصد الجميل (١).
التاسعة والأربعون بعد المئة: هذا الذي ذكرناه من الاستدلال بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ الله فَلْيُطِعْهُ" مبنيٌّ على قاعدتنا في أنَّ كلَّ ما عاد إخراجُه على العموم بالتخصيص فالأصل عدمُه، ويُعْمَلُ